ما هو مستقبل السيارات الكهربائية في السودان؟



في التاسع من فبراير من العام الجاري قامت شرطة مرور ولاية الخرطوم بترخيص أول سيارة كهربائية في السودان، في خطوة يمكننا القول عنها بأنها أولى الخطوات لاستشراف المستقبل الواعد للسيارات الكهربائية. وبذلك لن يكون السؤال المطروح هو: هل سنرى السيارات الكهربائية في طرقات السودان؟ بل: متى سنرى هذه السيارات؟

التحول نحو السيارات الكهربائية في السودان لن يتم في عشية وضحاها، بل سيكون بالتدريج، حيث ستبدأ السيارات الهجينة بغزو الشوارع بالتوازي مع ظهور السيارات الكهربائية، ولنا في دول الخليج النفطية أسوة حسنة في ذلك، ففي العام 2016 دشنت تويوتا سيارتها الهجينة –سيارة هجينة: هي سيارة تعمل بمحركين، محرك كهربائي ومحرك احتراق داخلي يعمل بالوقود- بريوس رسمياً للمرة الأولى في تلك الدول التي لن تعاني أي ضائقات في تزويد الوقود في المستقبل القريب على الأقل، ولكن هذه هي بداية التحول!، وللعلم فإن سيارة تويوتا بريوس طُرحت للمرة الأولى في بعض الأسواق العالمية منذ العام 2001!

في العام الماضي افتتحت شركة تيسلا رائدة السيارات الكهربائية في العالم أول مركزي توزيع لها في العالم العربي في دولة الإمارات العربية المتحدة وفي المملكة الأردنية الهاشمية، وصار من المألوف رؤية هذه السيارات، وشواحنها الكهربائية التي بدأت بالتكاثر حول المراكز التجارية وفي مواقف السيارات المنتشرة في ربوع تلك الدول.

مع اعتماد المرور السوداني لأول سيارة كهربائية في هذا العام فإننا على الطريق الصحيح. نعم، قد لا تكون البنية التحتية مؤهلة لاستقبال السيارات الكهربائية بشكل كامل، ولكن قد تكون السيارات الهجينة هي المعبر الضروري. فمحركات الاحتراق الداخلي مألوفة للجميع من وكالات السيارات وحتى ورش المناطق الصناعية، والمحركات الكهربائية شبيهة بعض الشيء بالمحركات الكهربائية الموجودة في مضخات المياه وغيرها، وقد يكون الأمر الجديد هنا هو البطاريات العالية الجهد الكهربائي التي هي بمقدار خطورة شبكة خطوط الضغط العالي، فهي بحاجة لخبرة في التعامل معها.


من المهم أن يكون المواطن السوداني قادراً على تجربة السيارات الهجينة والكهربائية في المستقبل القريب، حتى يفاضل في الإيجابيات والسلبيات بينها وبين سيارات محركات الاحتراق الداخلي، خاصة وأن الأخيرة منها باتت تشكل عبئاً في منصرفاتها من الوقود الأحفوري الذي يتم الإعلان عن رفع الدعم عنه بين الحين والآخر.

ستقلل السيارات الهجينة من الزيارات المتكررة لمحطات الوقود، بينما ستمر عليها السيارات الكهربائية مرور الكرام، فبالإمكان شحنها ليلاً من مقبس الكهرباء في المنزل مرة كل يوم، أو كل أسبوع! فبعض السيارات الكهربائية قادرة على تجاوز 600 كم في شحنة واحدة، كما أن تكلفة الشحن لن تكون كبيرة بالمقارنة مع المدى المقطوع، فعلى سبيل المثال لدينا سيارة تيسلا موديل S P100d مع بطارية طاقتها 100 كيلو-واط.ساعة، ستحتاج هذه البطارية إلى ما يقارب 115 كيلو-واط من الكهرباء، أي ما يقارب 20 جنيهاً سودانياً لقطع مسافة تصل إلى 540 كم.

بالمقارنة إذا فرضنا أن سيارة هيونداي أكسنت -وهي من السيارات الأكثر مبيعاً في السودان- تستهلك 6 لترات من البنزين لكل 100 كم، فإنها ستحتاج إلى 33 لتر تقريباً لقطع مسافة 540 كم، وباحتساب سعر البنزين 6.17 جنيه للتر فإن الأكسنت ستطالبك بدفع 203 جنيه لقطع هذه المسافة.


التوفير في السيارات الكهربائية لن يكون في الوقود فقط، بل في قطع الغيار، فهناك القليل من المكونات الاستهلاكية مقارنة بالسيارات التقليدية، فستخف الزيارات إلى المنطقة الصناعية إلا لتغيير "لقم الفرامل" أو "المساعدات" أو العجلات وهذا بالنسبة للمكونات الاستهلاكية. أما البطاريات والمحركات فستكون مشمولة بضمان من المصنع لمدة 8 أو 10 سنوات.

ما زالت السيارات الهجينة والكهربائية بعيدة عن متناول الكثيرين في الوقت الحالي، فتويوتا بريوس يصل سعرها إلى 810,000 جنيه دون احتساب تكلفة الجمارك، وتيسلا موديل S يصل سعرها إلى 3.15 مليار جنيه تقريباً. لكن بالتأكيد ستنخفض أسعار هذه السيارات في المستقبل القريب، حيث تنوي شركات السيارات طرح 100 سيارة كهربائية خلال الخمس سنوات المقبلة، فالمنافسة بدأت بالاشتعال!

أحمد عبدالرؤوف، كاتب ومدون مهتم بالسيارات والتقنيات.



التعليقات