مدى تأثير تذبذب الأسعار على بيع السيارات



كنت حضوراً أنا ومعي زميلين إثنين من دولة مصر وسبعة وعشرون شخص من تسعة عشر دولة أخرى في درس عن الإقتصاد بمركز تدريب عالمي في الهند، وأثناء الدرس ضرب المحاضر مثالاً بخصوص التهالك والتقادم، فقال شارحاً: إذا قمت بشراء سيارة جديدة وخزنتها في جراج بمنزلك لمدة عام وأردت أن تبيعها بعد ذلك فستبيعها بسعر أقل من الذي إشتريتها به، أليس كذلك؟؟ فوافقه الجميع إلا أنه تفاجأ بإعتراضي أنا وزميلاي من مصر بأنك ستربح ربحاً مغرياً إذا قمت بذلك في دولتينا.

الطبيعي في الإقتصاد هو ثبات الأسعار وثبات قيمة صرف العملة المحلية للدولة مع الدولار الأمريكي، ويساعد على ذلك حجم موارد البلد والإحتياطي من الذهب في خزينة الدولة، والإقتصاد الطبيعي هو الذي يمكن أن تطبق عليه قوانين الإقتصاد المعروفة، ثم عرفت بعد ذلك أن السبب في عدم صحة المثال الذي ضربه المحاضر سابقاً على السودان هو تغير سعر صرف العملة الوطنية مقابل الدولار والذي يؤدي إلى تذبذب في الأسعار وبالتالي خروج عن منظومة الإقتصاد الطبيعي.


عندما ترغب في بيع سيارتك فإنك تقوم بالتسويق لها، فعرضها على موقع ألكتروني كموقع alsoug.com هو تسويق والذهاب بها إلى دلالة السيارات هو تسويق بل وحتى عملية إخطار سمسار بمواصفاتها ليبيعها لك تعتبر من أنواع التسويق، والتسويق عموماً يخضع لنظرية العرض والطلب التي تؤدي إلى تفاوت في أسعار السيارات، وهذا التفاوت في السودان عندما يختلط بعدم ثبات سعر الصرف وبالتالي عدم نجاح فرضيات الإقتصاد الطبيعي، فإن ذلك يؤدي إلى تذبذب كبير في أسعار السيارات.

يؤدي تذبذب الأسعار إلى أمرين مهمين في عملية بيع السيارات، الأمر الأول هو ركود في حركة البيع، فيخشى البائعين أن تزيد الأسعار بعد بيعهم لسياراتهم المعروضة وبالتالي إما يطمع في سعر أعلى أو يخشى أن لا يستطيع شراء سيارة أخرى بديلة إذا زادت الأسعار زيادة كبيرة، أما الأمر الثاني فهو أن تصبح غالبية عمليات البيع تتم بواسطة التجار، فالتجار الذين يملكون السيارات ويتواجدون بصورة دائمة في أماكن بيع السيارات، يمكنهم قراءة السوق والتنبؤ والحصول على أفضل العروض.

في السودان هناك عدة عوامل غير الدولار تؤثر في تذبذب أسعار السيارات، ومنها زيادة الجمارك ومنها القرارات الخاصة بالإستيراد، ومنها زيادة أسعار الوقود، ومنها الظروف الإقتصادية بشكل عام بما في ذلك ندرة العملة (الكاش) التي أدت إلى أن يحتفظ المالكين بسياراتهم وعدم بيعاها إلا للضرورة بإعتبارها حفظ للمال والمدخرات.

يعتبر السودان من أكثر الدول التي تتم فيها عمليات بيع للعربات المستعملة، ومن دلالات ذلك أنه عندما صدر قرار من الحكومة بإيقاف إستيراد العربات المستعملة التي يزيد عمرها عن خمسة سنوات، تضرر منه بائعي العربات المستعملة في كوريا حيث إنخضت أسعار السيارات المستعملة ذات الفئات المتوسطة مثل الكليك والأكسنت من 2,500 دولار إلى 500 دولار فقط.

Comments