متوسط أسعار الترحيل
أثناء فترة دراستي بالمرحلة الثانوية في مدرسة الخرطوم القديمة، كان لي صديق من مدينة الحاج يوسف، تبدو عليه أثار الرفاهية، وكنت أظن أن والده من أصحاب الوظائف المرموقة، ودائماً كان عندي فضول لمعرفة الشركة الكبيرة التي يعمل بها والده، ولكني كنت محرجاً من سؤاله عن ذلك، إلى أن جاءت المناسبة ذات يوم وطرحت عليه السؤال، وكانت الإجابة التي لم أتوقعها، حيث كان والده يمتلك حافلة نقل ركاب كبيرة (25 راكب) ويعمل عليها بنفسه سائقاً، ومنها يوفر مصاريف الدراسة له ولأخواته الثلاثة بمراحلهم الدراسية المختلفة.
منذ ذلك الموقف، مررت بعدة مواقف أخرى بعدها، أصبحت عندي قناعة تامة بأن قطاع النقل والترحيل من أنجح القطاعات وأكثرها دخلاً في بلادي إذا وجدت الإدارة السليمة والعمالة ذات الخبرة والأمانة.
الترحيل بمعناه الكبير يشمل ترحيل الركاب (المواصلات والتاكسي والنقل الجماعي للمؤسسات والشركات وتطبيقات التاكسي الإلكترونية) والبضائع وخدمات التوصيل بمختلف أشكالها (مثل خدمة التوصيل المتوفرة مع شراء منتج معين وخدمة نقل البضائع والمستندات والطرود التي توفرها شركات متخصصة كشركة DHL وكاسي إكسبرس بالإضافة إلى خدمة التوصيل المتوفرة مع تطبيقات التاكسي الإلكترونية).
بعض إعلانات الترحيل من موقع alsoug.com :
- صاحب حافلة هايس شريحة يعلن عن رغبته في تشغيلها ترحيل جماعي داخل ولاية الخرطوم بمبلغ 25,000 جنيه في الشهر.
- صاحب عربة أمجاد صينية 7 راكب يبحث عن مجموعة تحتاج لترحيل بمبلغ 12,000 جنيه في الشهر.
- صاحب عربة يبحث عن ترحيل لموظفين أو طلاب جامعات بمبلغ 12,000 جنيه في الشهر.
- صاحب عربة هايس يبحث عن ترحيل داخل ولاية الخرطوم بمبلغ 20,000 جنيه في الشهر.
- يعلن مكتب لخدمات الترحيل عن وجود خدمة ترحيل للشركات والأفراد إلى جميع ولايات السودان بشاحنات ودفارات بمبلغ 5,500 جنيه.
- تبحث 4 طالبات عن ترحيل مناسب من مناطق مختلفة ببحري إلى جامعة إبن سينا بمبلغ 1,400 جنيه للطابة الواحدة في الشهر.
هناك عدة عوامل تؤثر على أسعار الترحيل بشكل كبير وواضح في السودان بصورة عامة وفي الخرطوم بصورة خاصة، من هذه العوامل توفر الوقود من عدمه، ففي حالة وجود صفوف وقود يتم زيادة أسعار الترحيل بشكل كبير، والإختناقات المرورية كذلك تؤثر في الأسعار، فالمناطق التي تشتهر بصعوبة الحركة والإختناقات المرورية تكون أسعار الترحيل إليها مرتفعة عادة، وبعد هطول الأمطار كذلك ترتفع أسعار الترحيل، حيث تحدث ندرة لتوقف عدد كبير من العربات بسبب سوء الطرق أو سوء الحالة الفنية للسيارات وبالتالي تزيد الأسعار طبيعياً نتيجة لنظرية العرض والطلب، وفي الترحيل عبر الولايات أو إلى المناطق البعيدة تحديد الزمن يؤثر أيضاً في أسعار الترحيل، فكلما قل زمن الترحيل كانت التكلفة أعلى.
نفس العوامل أعلاه تؤثر على أسعار ترحيل الركاب عبر تطبيقات التاكسي التي تستخدم الإنترنت، فتجدها تعلن للكباتن والرحالين عن زيادة أسعار الكيلومتر أو تخفيض نسبة الإستقطاع بعد هطول الأمطار وفي أوقات ندرة الوقود، ويقوم التطبيق تلقائياً بتعديل أسعار الكيلومترات لتزيد في أوقات الذروة وتقل في الأوقات التي تكون فيها الطرق خاوية، وهكذا.
يوجد ترحيل ركاب ونقل بضائع غير شرعي، ويسمى بالتهريب، ومن أمثلته تهريب المخدرات، وتهريب البشر، وهذا لا يخضع لمتوسط الأسعار العادية بالطبع لأن مخاطره عالية وبالتالي تكون أسعاره عالية جداً، وهذه رسالة إلى كل مواطني بلدنا الحبيب أناشدكم فيها بعدم التجاوب بأي شكل من الأشكال مع التهريب بشتى أنواعه لأنه دائماً ما يكون في خراب ودمار للبلد بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وكذلك أناشدكم بعدم إستغلال المواقف للضغط على محدودي الدخل إقتصادياً بالزيادات الكبيرة الغير مبررة في الترحيل والنقل خصوصاً ترحيل الركاب، فمن حقكم كأصحاب مركبات أو سائقين زيادة دخلكم بما هو معقول تماشياً مع المؤثرات المذكورة أعلاه، ولكن تجنبوا أن تصوا به لحد إستغلال المواطنين.
التعليقات
لأضافة تعليق من فضلك
التسجيل / الدخول