إرتباط الوظيفة بالخبرة والخبرة بالوظيفة
يبذل الشاب مجهود كبير في مراحل التعليم المختلفة وصولاً إلى المرحلة الجامعية ويحلم بالوظيفة التي تلبي إحتياجاته وتنقله إلى شخص منتج ونافع لأسرته ومجتمعه وبلده، فيصطدم بعد تخرجه بالواقع الذي وقف عنده عدد كبير من الخريجين مكتوفي الأيدي، بل وصل الحال ببعضهم لمفارقة مجال تخصصه الذي بذل الغالي والرخيص في سبيل الحصول على شهادة جامعية فيه، وهذا الواقع في ظاهره أشبه باللغز، فتجد في إعلانات الوظائف أن أصحاب العمل يطلبون ذوي الخبرات للتعيين في مؤسساتهم والإعلانات التي تشاهدها على موقع السوق خير مثال لذلك، ومن الناحية الأخرى نجد أن الخريج يحتاج إلى وظيفة ليتحصل على الخبرة، خلاصة اللغز أن الوظيفة تتطلب الخبرة والخبرة تتطلب الوظيفة، فأين الحل للخريج الذي لم يحصل على وظيفة؟؟!!
سأحاول فيما يلي تسهيل عملية ربط التفكير بين فكر صاحب العمل وفكر الخريج، فالخريج يرى أن الخبرة تنحصر في العمل براتب شهري في شركة كبيرة، وهذا غير صحيح ففترة قضائك للخدمة الوطنيه في أي من مؤسسات الدولة المختلفة تعتبر خبرة، وأي عمل طوعي في إحدى المنظمات يعتبر خبرة وإذا قمت بأي إنجازات بتعاقدات لفترات محددة مرتبطة بمشروع مثلاً فهذه خبرة، وإليك الأجمل من هذا كله، فعملك الغير رسمي كبائع في محل سواء كان مكتبة أو بقالة أو بوتيك هذه أيضاً تعتبر خبرة ومفيدة جداً في العمل كمحاسب أو مندوب مبيعات.
ومن الناحية الأخرى فإن أصحاب العمل يطلبون الخبرة البسيطة (3 أعوام كحد أقصى) كنوع من البريستيج وغالباُ ما يكون المطلوب هو موظف مدخل خدمة (أي خريج جديد بدون خبرة) ولكن حفاظاً على مظهر الشركة لا يستطيعوا أن يكتبوا في الإعلان بأن الخبرة غير مطلوبة لهذه الوظيفة فيحددوا الخبرة المطلوبة بسنتين أو ثلاثة للخروج من الحرج، فتأكد بأنك إذا تقدمت لوظيفة مذكور في إعلانها أن من متطلباتها سنتين خبرة في المجال وأنت تملك خبرة سنة واحدة أو ستة أشهر وبقية المتطلبات عندك مطابقة للوظيفة فإحتمالية قبولك ضمن قائمة المقابلات كبيرة جداً.
ما ذكرته أعلاه مرتبط بالخبرة حتى ثلاثة سنوات كما أسلفت أما الوظائف من 5 سنوات فما فوق فتعتبر وظائف خبرات وبدرجات وظيفية أعلى من مدخل الخدمة وبالتالي لا تسري عليها نفس القواعد بل تتشدد الشركات في التأكد من أن المتقدم له عدد سنوات الخبرة المطلوبة وبدونها لا يسمح له بدخول المعاينات أصلاً.
الأمر الثاني الهام هو أن الخبرة أحياناً كثيرة تكون عبارة عن معرفة أكثر منها فترة زمنية، فمثلاً إذا كنت تجيد لغة برمجة معينة وأنت خريج جديد ووجدت في إعلان لوظيفة مبرمج أنه مطلوب شخص بخبرة سنة في العمل بهذه اللغة فعليك أن ترسل سيرتك الذاتية بلا تردد مع مراعاة أنه يجب أن توضح خلالها مدى معرفتك وإجادتك لهذه اللغة سواء بإنجازاتك فيها أو إرفاق نماذج من أعمال إستخدمت فيها هذه اللغة.
مع تطور علم الموارد البشرية أصبحت بعض المؤسسات الكبيرة تتجه لتعيين الخريجين النوابغ وأوائل الدفعات وأصحاب مشاريع التخرج الغير تقليدية مباشرة فور تخرجهم، وأنتهز هذه الفرصة لأوجه نصح لكل الطلاب والشباب بأن العقول أصبحت هي ما تبحث عنه الشركات أكثر من الايدي العاملة، فبعدد ما تحصده من جوائز ومن درجات علمية عالية وبأفكار جديدة وغير مسبوقة تقل الفجوة بينك وبين وظيفة أحلامك، ولا أمون مبالغاً إذا قلت أنه ربما بفكرة مشروع تخرج تعرض عليك العديد من الوظائف وأنت من تختار أيها تنتاسبك وليس العكس.
وأخيراً فإن الدورات التدريبية أيضاً لها دور كبير في زيادة معرفة الخريج ومهاراته فإختيارك الصحيح للدورات التدريبية التي تناسب مجالك يجعلك تسبق العديد من أصحاب سنوات الخبرة عند فرز مجموعة سير ذاتية لوظيفة معينة.
من يستسلم ويقف مكتوف الأيدي ينتظر أن تمطر السماء وظائفاً هو من يتحدث بإستمرار عن أن الوظائف أصبحت بالواسطة وأن هذه الإعلانات مجرد فبركة، والمثابر الذي يتحدى الظروف ويستخدم عقله هو من يفوز بالفرص حتى وإن كانت صعبة المنال.
مع تمنياتي لجميع الشباب والخريجين بحصولهم على وظائف تجعلهم منتجين لأنفسم وأسرهم وبلدهم.
هشام يحي ،كاتب في مجال الموارد البشرية وصاحب مشاركات في عدة لجان توظيف
التعليقات
لأضافة تعليق من فضلك
التسجيل / الدخول